عبيد بن الابرص الأسدي من مضر. وهو شاعر من دهاة الجاهلية و حكمائها. ويعد من أصحاب المعلقات.كان من ذوي الشأن في قومه،و من المعمرين الذين عرفوا بالنجدة والمروءة . وإقرأ من هو عبيد بن الأبرص
نبذة عن عبيد بن الابرص
هو أحد الشعراء الجاهلين القدامي، إسمه عبيد بن الابرص بن جشم بن عامر بن مالك بن حارث بن ثعلبة بن أسد. ويتصل نسبه بمضر. و يكني أبو زياد. وإسم أمه أمامة.
ولد عبيد بن الأبرص نحو سنة 455 للميلاد. ونشأ في قومه بني اسد في نجد،وكان شاعرهم. وقد اختلط ما وصل إلينا من أخباره، وجل ما نعرفه عنه أن حجر بن الحارث الكندي والد امرؤ القيس كان حاكما في أيامه على بني أسد. وكان عبيد من ندمائه ينظم فيه الشعر. وأنه شفع في أشراف قومه لدي هذا الملك الذي حبسهم لإمساكهم عن دفع الإتاوة. فكانت شفته مقبولة. ثم إنه إتصل ببلاط الحيرة. ولبس فيها مدة طويلة مقربا إلى المناظرة حتى قتله المنذر بن ماء السماء نحو سنة
صفات وأخلاق عبيد بن الابرص
يروي ان عبيد بن الابرص كان فقيرا محتاجا لا مال له إلا أن هذه الرواية لا تعكس مراحل شبابه اللاهي، حيث قام فيها بجلائل الأعمال . وكان فارسا شجاعا وسيدا من سادات قومه بني سعد من بني أسد، و قد عاش سجونهم وشؤونهم، وكان شاعرهم دون منازع، والناطق باسمهم، والمشيد بمآثرهم وانتصاراتهم، ورسولهم إلى الملوك وسادات القوم، والهاجي لخصومهم
وتميز عبيد بن الابرص برجاحة العقل و حصافة الرأي، وبعد النظرة، و الخبرة والدراية و تدبر الأمور ومعالجتها. واتصف بالخلق الكريم والحكمة الناضجة، حيث أكثر من ذكر الثواب والعقاب، والتأمل بالوجود والمصير، والحض على فعل الخير، والتحلي بحميد الخصال.
خصائص شعر عبيد بن الابرص
لم يخرج عبيد عن عمود الشعر الجاهلي،شأنه في ذلك شأن سائر شعراء الجاهلية، فقد التزم في قصيدته بوحدتي الوزن والقافية، وتعدت أغراضه الشعرية فيها، من الاستهلال بالوقوف على الأطلال وذكر الأحبة، إلى وصف الناقة او الفرس، إلى ذكر اللهو والعبث، والحروب و المفاخرات.
أما أسلوب عبيد في أشعاره، فمختلف من قصيدة إلى أخرى. لقد حكم النقاد على معلقته بأنها أشبه ما تكون بقصيدة مرتجلة، من حيث اضطراب أبياتها. وافتقادها بعضا من مقومات التجربة الفنية
وكان عبيد بن الابرص يمثل في شعره تجاربه ومشاهداته إحساساته.وقد كان على ما جاء في الروايات، شاعرا حساسا رقيق الشعور يعطف على المخلوقات جميعها، و يشملها برقة شعوره،
وفاة عبيد بن الابرص
وكان من حديث موته أن المنذر بن ماء السماء سكر يوما فجره السكر الى قتل نديمين له، وعندما صحا من سكره ندم على فعلته أشد الندم. وجعل له يومين في السنة: يوم نعيم يصبغ فيه نعمته على من يمر به. ويوم بؤس يقتل فيه من يمر به . فكان عبيد بن الابرص من مروا بالملك في يوم الشؤم و ممن كان مرورهم سبب موتهم .وذلك في نحو سنة 554
منزلة عبيد بن الابرص بين الشعراء
تباينت آراء النقاد حول منزلة عبيد الشعرية، فمنهم من وضعه في طبقة فحول شعراء الجاهلية. ومنهم من اعتبر شعره مضطربا. وآخرون ردوا شهرته إلى شخصيته وأخباره الأسطورية لا إلى شعره وأهميته
قال صاحب العمدة:” و عبيد بن الأبرص قليل الشعر في أيدي الناس، علي قدم ذكره وعظيم وشهرته. وهذا ما قد رآه محمد بن سلام الذي قال:” و عبيد بن الأبرص قديم عظيم الذكر، عظيم الشهرة، وشعره مضطرب ذاهب، لا أعرف له إلا “قوله
اقفر من أهله ملحوب
فالقطبيات فالذنوب
ولا أدري ما بعد ذلك
وعلى الرغم من أن إبن سلام لا يعرف من قصائده إلا هذه القصيدة. فقد وضعه في الطبقة الرابعة من فحول شعراء الجاهلية. كما ورد في تاريخ آداب اللغة العربية، القول:
أما إبن السلام “فقد جعله في الطبقة الرابعة، وذكره بعد طرفة، وقرن بهما علقمة بن عبدة وعدي بن زياد” إلا أن صاحب الجمهرة، لم يذكره مع أصحاب المعلقات كما فعل غيره. وجعله واحد من أصحاب المجمهرات التي تلي المعلقات مكانتا ومقاما
وقد ذكره صاحب الأغاني فقال:” هو شاعر فحل فصيح من شعراء الجاهلي”.
أما إبن قتيبه: فقد قرنه في قلة الشعر إلى طرفة بن العبد فقال:” وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد إلا القليل ” ولكنه عد قصيدته الأولى( أقفر من أهله ملحوب )من المعلقات، وقال إن القصيدة الأولى تعد من السبعة
و يروي الحطيئة أن عبيدا أشعر الناس، إذ عندما سئل،من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول
من يسأل الناس يحرموه
وسائل الله لا يخيب
معلقة عبيد بن الابرص
لعبيد بن الأبرص ديوان شعر طبع في ليدن سنة 1913، من أشهر ما فيه البائية التي جعلها البعض من المعلقات .وهي قصيدة على مخلوع البحر البسيط تقع فيه 48 بيتا.نشرها التبريزي ملحقة بالمعلقات السبع مع قصيدتي الأعشى النابغة في شرح القصائد العشر
وفي هذه المعلقة الوقوف بالديار و بكاء على الأطلال, ثم حكم ومواعظ، وصف للناقة و للفرس.
الوقوف بالديار و بكاء على الأطلال
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ
فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ
فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ
فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ
لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً
وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ
وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً
وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ
كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ
واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ
أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ
أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ
لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ
لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ
تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي
أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ
إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها
فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ
أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها
وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ
وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ
وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ
أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ
أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ
حِكم ومواعظ وذِكر التوحيد
أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ بِال
ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ
لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ ال
دَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ
إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ
وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ
ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها
وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ
قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد
يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ
مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ
وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ
وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ
طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ
بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ
سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ
ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ
لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ
وصف الناقة وتشبيهها بحماروحش
قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً
وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ
عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها
كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ
أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها
لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ
كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ
جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ
أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى
تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ
فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني
تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ
مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً
يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيب
وصف الفرس وتشبيهها بالعقاب
زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها
وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ
كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ
تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ
باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً
كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ
فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ
يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ
فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ
وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ
فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت
وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ
يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً
وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ
فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً
وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ
فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها
وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ
فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ
وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ
فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ
فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ
يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ
لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوب